الاثنين، 27 أكتوبر 2014

دورة:كيف تتخلص من عاداتك السيئة في ثلاثة أسابيع؟ الحلقة 3

من طرف Majed SAAD  
التسميات:
9:26 ص

الحلقة الثالثة:

تعلمنا في الحلقة الثانية كيف نستخدم طريقة تغيير المناط للدخول إلى اللاوعي والتخلص من السلوك السلبي الذي عجزنا عن تغييره، وذلك بإحلال بعض البدائل عن العادات السيئة وإقناع النفس بها والتدرب عليها، إلى أن تصبح بديلا حقيقيا نعتاد عليه كما اعتدنا في السابق على العادة السيئة. وبالرغم من نجاح هذه التجربة، إلا أن البعض قد يشكو من عدم تمكنه من تطبيقها في كل الحالات، إذ يصعب أحيانا تقديم البدائل عن بعض العادات السلبية، وبالتالي فإنا ملزمون هنا بالبحث عن طريقة أخرى نخاطب بها اللاوعي، وندفعه للتخلي عن هذه العادات حتى في حال عدم توفر البدائل الكافية.
سنقوم معا في هذه الحلقة بالتعرف إلى تقنية أخرى جديدة تمكننا من اقتلاع العادات السيئة عبر الإيحاء دون الحاجة إلى إحلال بدائل إيجابية، وسنلجأ كما اعتدنا إلى بعض الأمثلة للتقريب.
تسمى هذه التقنية بطريقة (خط الزمن)، وهي إحدى الطرق المستخدمة في العلاج النفسي لحل العقد النفسية والتخلص من الآثار السلبية لبعض الأحداث والذكريات السيئة، ويمكن لكل منا أن يستخدم هذه التقنية عبر الإيحاء الذاتي ودون الاستعانة بأحد.
لتطبيق هذه الطريقة، يجب أولا أن نحرر مفهوم الزمن، فالزمن مرتبط في وجوده بالمكان لكونه البعد الرابع للوجود، وهذا يعني أن لكل موجود في هذا الكون ثلاثة أبعاد مكانية (طول وعرض وارتفاع) بالإضافة إلى بعد الزمن الذي لا يرى بالعين كالأبعاد الأخرى.
هذا الارتباط بين الزمان والمكان لم يتبين إلا في مطلع القرن العشرين على يد أينشتاين الذي وضع نظرية النسبية، ووضح فيها أن الجسم الذي يتحرك بسرعة كبيرة يكون الزمن المقاس عليه أبطأ من غيره، فإذا تمكنا مثلا من صنع مركبة فضائية تسير بسرعة تقترب من 80% من سرعة الضوء فإن الزمن سينكمش عليه إلى النصف! وهذا أمر قد يصعب تخيله، ولكنه حقيقة.
الزمن إذن ليس محايدا، بمعنى أن إدراكنا له أكثر تعقيدا مما نتصور، ولا شك في أننا نستخدم في لغتنا المحكية عبارات توهم بأن الزمن لا يختلف كثيرا عن المكان، فنحن نصفه بالقصر والطول والقرب والبعد، وهذه كلها صفات مكانية.
إذا تخلينا إذن أعمارنا على أنها سنوات متوالية منذ الولادة وحتى الآن، فإننا سرعان ما نتصورها على أنها سلسلة متصلة من وحدات متساوية (السنوات أو الشهور أو الأيام.. إلخ) وهي أشبه بحلقات يتصل بعضها بالبعض الآخر، أي أننا نجرد الزمن في خيالنا ونحوله إلى صورة مكانية ملموسة، وهذا بالضبط هو ما سنحتاج إليه في هذا التمرين.
الآن بتنا نتفق جميعا على أن أعمارنا مقسمة إلى هذه الوحدات، وأن كل واحد منا قادر على تخيل عمره كسلسلة مترابطة من الوحدات الزمنية، وهذه السلسلة هي التي أسميناها بخط الزمن، وهي التي سنعمل معا على إعادة صياغتها بطريقتنا الخاصة.


التطبيق:

سأحدث كل فرد منكم الآن على حده لنصل إلى أفضل النتائج، وسأستخدم ضمير المذكر لأنه الأغلب في لغتنا العربية، مع تقديرنا لتواجد ضيوفنا من الأخوات الكريمات:
اجلس الآن في مكان هادئ ومريح، أغمض عينيك واسترخ كما فعلنا في التمارين السابقة، وفرّغ ذهنك من كل ما قد يشوش عليك، يمكنك الاستعانة ببعض الألحان أو الأصوات الهادئة التي تساعدك على الاسترخاء وتصفية الذهن.
أبق عينيك مغمضتين وتخيل الآن أن عمرك يتجسد إلى سلسلة طويلة بعدد الأيام. ستكون سلسلة طويلة بالطبع، وأرجو أن يمد الله في طولها، وأن يجعل آخر طرفيها في الجنة.
أنعم النظر الآن في السلسلة، وستجد أن بعض الأحداث ستظهر لك وكأنها شريط سينمائي كلما نظرت في أي من حلقات هذه السلسلة.
اختر أيا منها، لتكن واحدة من الحلقات الأولى، ستجد شريطا يصور لك أيام الطفولة البريئة، قد يكون اختيارك موفقا فتجد نفسك منهمكا في التهام قطعة كبيرة من الحلوى، وقد يسيل لعابك لها الآن. كما يحتمل أن تخطئ الاختيار لترى نفسك مستسلما لعصا أبيك التي تنهال على جسدك بعد أن تمكن من ضبطك متلبسا في إحدى أعمالك الشقية، وستشعر ببعض الألم مع كل ضربة عصا، أو تسمع صراخ والدك الذي يشتاط غضبا من سوء سلوكك!
على أي حال، هذه هي الحياة، فهي يوم حلو وآخر مر، وبالرغم من كل شيء فجميعا متمسكون بها ونسعى جاهدين لإطالتها ولو بيوم واحد.
الآن، وبعد أن عثرت على صندوق الذكريات هذا، لا بأس ببعض اللهو، فسيساعدك على ذلك على إتقان اللعبة.
أمض بعض الوقت في اكتشاف المزيد من حلقات هذه السلسلة، وستجد أنه كلما كان ذهنك صافيا كانت الصورة التي تعرضها مخيلتك أكثر وضوحا، وكانت التفاصيل أكثر دقة.
حسنا، وبما أنك أصبحت الآن قادرا على استرجاع ما تشاء من الذكريات والأحداث، دع عنك هذا اللهو، وتذكر أن أمامك مهمة يجب القيام بها، وهي العودة إلى اليوم الذي بدأت فيه عادتك السيئة التي ترغب في الخلاص منها.
ستجد هذه الحلقة على الفور، قد لا تذكر في وعيك هذا اليوم بالضبط، ولكنك ستجده على الأغلب عندما تستسلم لشريط الزمن الذي ينساب من بين يديك بكل حرية.
انظر إليه جيدا، إنه ذلك اليوم المشئوم.. تبا له، لقد كنتَ في الماضي تشبعه لعنا وشتيمة، وتتمنى أنه لم يُخلق!
حسنا، إنه أمامك الآن، هاهو يتجسد بين يديك، وهاأنت ترى نفسك على الشريط الحي وأنت تمسك بالسيجارة الأولى، أو تعبث بجهاز الريموت كونترول لترى المشهد الخلاعي الأول، أو تمسك بالهاتف لتبدأ مغامراتك العاطفية التي لم تنته، أو سترين نفسك وأنت ترتدين الضيق من الثياب لتخرجي بها إلى يومك الأول في الجامعة، أو حتى اللحظة الأولى التي قررت فيها ألا تمتنعي عن قبول إلحاح زميلك الفلاني لدعوتك إلى كافتيريا الجامعة.
إنها صور واضحة بلا شك، وهل هي مما يمكن نسيانه أصلا؟
لعلك ترغب في اقتطاع هذه الصور من حياتك وأن تصل ما قبلها بما بعدها وكأن شيئا لم يحدث؟
قد تحدثك نفسك بهذا لأن الأمر أقرب إليك مما كان من قبل، فها هي الصور تتجسد أمام عينيك ولا شيء يمنعك عن ذلك.
لم لا تجرب إذن؟
كل ما عليك هو أن تمد يدك لتمسك بهذه الصورة البشعة وتقتلعها من السلسلة، ثم ترميها في سلة المهملات، وكأنها لم تكن.
افعلها الآن ولا تتردد.
الآن ستجد مكانها فارغا، فعمرك ثابت لا يخضع للتقصير والتطويل، وكل ما يمكنك فعله هو العبث بمحتوياته.
حسنا، لم لا نقوم بملء هذا الفراغ الآن؟
فكر بما كان يجب عليك أن تفعله، ثم حاول أن تتصوره بشكل تمثيلي أقرب إلى الواقع.
أنت الآن تمتنع عن التقاط السيجارة الأولى التي دعاك صديقك إليها، وسوف لن ترضخ لكل إغراءاته، كما أنك تستعيذ بالله من المشهد الخلاعي المشين الذي خدش حياءك فجأة، وتصرف نظرك عنه، وتحمد الله الذي ثبتك على الهداية.
سترى نفسك أيضا وأنت تمزق البطاقة الصغيرة التي تحمل رقم تلك الفتاة، وتمنع نفسك عن الدخول في هذه المغامرة.
أما أنتِ فستجدين نفسك وبكل بساطة تشدين وشاحك على جبهتك أمام المرآة، وتستقبلين يومك الجامعي الأول بأحلام كبيرة لبناء مستقبلك، كما ستنظرين إلى نفسك بكل اعتزاز وأنت ترفضين دعوة ذلك الشاب الذي يلح عليك لقبول دعوته، وستردين عليه بجواب حاسم يطرح عنه كل تلك الأحلام الواهية.
أنتَ الآن شاب قوي الإرادة، ثابت العزيمة، لا ترضخ لشهواتك بكل بساطة، وأنتِ أيضا لا تقدمين شيئا على إنسانيتك وكرامتك، ولا تهدرين أنوثتك بوعود رخيصة.
ستشعر بلا شك بارتياح كبير، وستزيح بذلك عن عاتقك حملا كاد أن يقصم ظهرك.
حسنا، أطلق الآن نظرة سريعة على الجزء المتبقي من شريط حياتك، ابتداء من اليوم الذي انتهيت للتو من تغييره وحتى الآن. قد تجده مليئا بالسجائر والعبث والسهر على الفجور، ولعله ملطخ أيضاً بالذكريات المشينة التي كنت تتألمين كلما فكرت فيها!
الآن ستتذكر أن القضاء على بعض الأمراض يتم بالقضاء على الجرثومة الأم، إذ سرعان ما يؤدي قتلها إلى موت الجراثيم المتولدة عنها.
وهاهي ذكرياتك الأليمة تلقى المصير نفسه، فبعد أن تخلصت من اليوم الأول الذي ابتدأ فيه ذلك السلوك السيء، سرعان ما سينهار أمامك كل ما تبعه من أيام مليئة بالسوء. وبما أنك شغلت يومك الأول بالسلوك الإيجابي، فإن الأيام التي تليه ستمتلئ تلقائيا بالذكريات الإيجابية التي ما كنت لتحلم بها.
جرب الآن، واختر أيا من هذه الأيام.. انظر إلى ذلك اليوم الذي أنهكك فيه السعال بعد ليلة طويلة من التدخين، هاأنت فيه تتمتع بصحة جيدة ووجه مشرق متورد.



انظري إلى ذلك اليوم الذي كاد أن يشكل كابوسا يجثم على أنفاسك، لعلك ارتكبت فيه ما اسودّت له حياتك؟ هاهو الآن ينقلب رأسا على عقب، وهاأنت ترفلين فيه بثوب العافية والإيمان، ولا شيء ينغص عليك معيشتك


هكذا يتم الأمر وبكل بساطة،
مجرد لعبة صغيرة تعبث فيها بشريط حياتك، ذلك الشريط الذي كنت لا تجرؤ على الاقتراب منه لعلمك المسبق بما فيه من محطات سوداء، فتهرب منها بالمزيد من العبث واللهو، وهاهي الآن تتحول بحركة بسيطة إلى ذكريات مشرفة تنطلق منها إلى مستقبل مشرق.
أنت الآن شخص جديد تماما، لم تعد تخجل من ماضيك، ولم يعد في حياتك شيء ينغص عليك ما بقي منها.
الحياة ما زالت مستمرة ، وأمامك الكثير من العمل، فما زالت الكثير من أحلامك تنتظر التحقق.
لم لا تبدأ بها الآن ، فلم يعد لديك إلا ماض مشرف، ومستقبل واعد، ووعد بالتحقق؟

نبذة عن الكاتب


اكتب وصف المشرف هنا ..

هناك تعليق واحد:

  1. و الله أفادتني هذه المواضيع كثيرا

    ردحذف

back to top