الاثنين، 27 أكتوبر 2014

دورة:كيف تتخلص من عاداتك السيئة في ثلاثة أسابيع؟ الحلقة 4

من طرف Majed SAAD  
التسميات:
9:27 ص

الحلقة الرابعة :

إن هذه التقنية التي سنقدمها اليوم، تهدف إلى الدخول إلى أعماق اللاوعي، ثم تحويل الرغبة في تلك العادة أو ذلك السلوك إلى الوجه المقابل، بحيث ينفر المرء منها بدلا من اشتهائها، وفي حال نجاح هذه التقنية فإنها من أقوى الطرق للخلاص من العادات والسلوكيات غير المرغوب فيها.
وقبل أن نشرع في شرحها، لا بد وأن نذكر بأن هذه الطريقة لا تصلح لجميع الحالات (من وجهة نظري انها المناسبة لترك العادة السيئة وانا اخترت هذه الطريقة )، إذ أننا لا نرغب مثلا في النفور من بعض العادات، فإذا كان أحدنا يعاني على سبيل المثال من الإفراط في تناول نوع من الطعام غير الضار مثل الشوكولاته، ويرغب في التقليل من هذه العادة، فلا ننصح بأن يلجأ إلى هذه الطريقة لتتحول رغبته بتناولها إلى نفور وتقزز، بل يُفضل في مثل هذه الحالة اللجوء إلى التقنيات السابقة.
إذن فنحن الآن بصدد التعرف على الطريقة المثلى للتغلب على العادات التي نرغب في التخلص منها نهائيا وإلى غير رجعة، كالتدخين وشرب المسكرات على سبيل المثال. وإن كنا لا ندعي أن هذه الطريقة ستكون كافية للخلاص من كل حالات الإدمان التي تتطلب علاجا عضويا موازيا كالإدمان على المخدرات، ولكنها أثبتت مع ذلك نجاحا كبيرا في الإقلاع عن الكثير من الحالات المستعصية، خصوصا عندما يترافق العلاج مع قوة الإرادة والتشجيع من البيئة المحيطة.
تسمى هذه التقنية بالإرساء السلبي، وهي تتقاطع مع طريقة رمي المرساة التي سبق التعرض لها في الأسلوب، وتختلف معها في الهدف. ففي الحلقة الثانية قمنا باستخدام طريقة الإرساء الإيجابي لتغيير الذهنية من الحالة السلبية إلى الإيجابية, وذلك عند التعرض لظروف الإزعاج والإثارة، أما الآن فسنلجأ إلى الطريقة نفسها ولكن بشكل معاكس، حيث سنعمل على قلب مشاعر الانتشاء والتلذذ بالعادة السيئة إلى شعور بالنفور والتقزز.
سنضرب في هذه الحلقة مثالا عمليا لإحدى العادات السيئة التي نرغب في التخلص منها نهائيا، وهي عائدة في أصلها إلى الوسواس القهري الذي يعاني فيه المريض من شعور قهري (إلزامي) بضرورة التصرف بشكل معين في حالات معينة، ومن ذلك مثلا القيام ببعض الحركات اللاإرادية وبشكل يعجز فيه المرء عن التوقف، كالعبث بشعر الناصية (مقدمة الرأس) أو قرض الأظافر أثناء الانهماك في عمل ما، وهذه التصرفات اللاإرادية تعطي المريض شعورا بالنشوة التي يعجز عن تفسيرها، كما يسبب إقلاعه عنها الكثير من القلق والإزعاج على النحو الذي يمنعه عن الإقدام على محاولة الخلاص. ولا بد أن نذكّر هنا بأن هذه التقنية قد لا تفيد بشكل كلي في الحالات المرضية المستعصية، وهي حالات نادرة على أي حال، وتعود إلى خلل عضوي في الدماغ مما يستلزم علاجا طبيا موازيا، ولكنها لا بد وأن تعطي نتائج إيجابية في معظم الحالات.
قبل أن نبدأ، يجب أن نعلم أولا أن نفوسنا تنقسم إلى قسمين متجاورين، وهما الوعي واللاوعي، فالقسم الأول مسئول عن التصرفات الإرادية والتفكير واتخاذ القرارات، أما اللاوعي فهو المسئول عن تصرفاتنا العفوية واللاإرادية، وهو بمثابة مخزن كبير لكل ذكرياتنا وتجاربنا في الحياة، حيث نضع فيه كل ما تعلمناه من أو خضناه من تجارب وأحداث بحلوها ومرّها، وبالتالي فإن تصرفاتنا كثيرا ما تتأثر بهذا المخزون الذي تتراكم فيه المواقف والأحداث حتى تشكّل شخصيتنا، فالطفل الذي يمر بتجربة سيئة مثلا مع مدرس الرياضيات لفترة طويلة في دراسته الابتدائية، قد يختزن في (لاوعيه) ذكريات سيئة عن هذه المادة، وبالتالي فإن سلوكه سيتأثر على الأغلب في المستقبل بهذا المخزون السلبي، وسينفر لاشعوريا من الرياضيات لسنوات طويلة.
إذن فنحن الآن أمام قسمين من النفس، وفي نفس كل واحد منا مخزن كبير للتجارب يعد مسئولا عن تصرفاته وعاداته وسلوكه إلى حد كبير، وهو يعيش غالبا في صراع مع هذا المخزن، لأن نفسه الواعية العاقلة تعارض الكثير من العادات والتصرفات السلبية، بينما تصدر معظم تصرفاته بشكل عفوي عن هذا المخزن الكبير، والمطلوب الآن هو أن نُخضع هذا المخزن المتمرد لسلطة القسم الواعي والعاقل من النفس، ونُخرج منه تلك المعلومات الخاطئة أو نصلحها، لأن التحكم بهذا القسم اللاواعي بشكل دائم أمر صعب جدا، فهو غالبا ما يخرج عن سيطرتنا ويفرض أحكامه على تصرفاتنا، خصوصا في المواقف الحرجة والتي تتطلب ردود فعل سريعة.

التطبيق:
سنفرض الآن أنك عزيزي القارئ تعاني من وسواس قهري يلزمك بالعبث بمقدمة رأسك كلما انهمكت في بعض الأعمال كالقراءة ومشاهدة التلفاز، وسنعمل الآن على تطبيق هذه الطريقة لتخليصك بإذن الله من نشوة ممارسة هذه العادة وتحويلها إلى سلوك منفر.
اتخذ لنفسك الآن جلسة مريحة في مكان هادئ، وتهيأ للدخول إلى أعماق نفسك والغوص في أكثر دهاليزها بعدا وغموضا.
أغمض عينيك، وأفرغ ذهنك من كل ما حولك، وعندما تصل إلى حالة كافية من الاسترخاء، أرهف السمع لما أقوله لك.
تذكر أنك حريص على راحة نفسك، وأن سلوكك هذا قد أزعجك طويلا، حاول أن تستفز نفسك وتثير رغبتها في الخلاص، ولا بأس بإطلاق بعض الشعارات الحماسية، فأنت لها اليوم، ومن غيرك يقدر عليها؟
بادر الآن بالتغلغل إلى أعماقك، تخيل نفسك وأنت تمسك بزمام الأمور، وأنك قادر بالفعل على تغيير سلوكك، تماما كما تغير ملابسك وحذاءك!
الأمر بيدك الآن، ولا أحد يمكنه الوقوف في وجهك، فهذا السلوك السيئ لم يهبط عليك من السماء، ولم يزرع في جسدك كالجراثيم، بل هو مجرد عادة سلبية درجت عليها نفسك حتى تأصلت فيها، وأنت الآن تمسك بزمام هذه النفس وتخضعها لسلطتك الكاملة، وتملي عليها قراراتك بكل حرية.
لقد اتخذت قرارك الآن، ولم يعد هناك طريق للعودة.

حسنا لنبدأ إذن..
أنت الآن أمام نفسك ومسيطر عليها، عقلك الواعي هو الذي يتحكم ويفرض سلطته، وعقلك الباطن (النفس اللاواعية) يتلقى الأوامر.
تخيل الآن أنك قادر على فصل هذين القسمين من نفسك، حيث سيبقى جسدك ممددا على الأريكة ويستخدم عقله الباطن (اللاواعي)، أما عقلك الواعي الذي تقرأ به الآن هذه الكلمات فسينفصل عن جسدك ويخرج عنه، وسيتخذ شكلك نفسه، ولكنه أشبه بجسم هيولي (كالشبح)، حيث لن يراه أحد.
فكر مليا في هذا الأمر، وحاول أن تخرج من جسدك بهذا النحو، قد يجد البعض صعوبة لغرابة الأمر، ولكن الأمر لن يتطلب أكثر من بضع دقائق من التركيز.
حسنا.. لقد خرجت الآن، وهاهو جسدك ممدد أمامك على الأريكة، فأنت تراه بكل وضوح، ويمكنك أن تأمره بما تشاء.
تخيل جسدك الآن وهو يجلس على أريكته المريحة أمام التلفاز، وستقفز إلى ذهنك على الفور صورتك وأنت ممدد بشكل عفوي، ويدك مرفوعة إلى رأسك، وأصابعك تعبث بشعرك.
هل اتضحت الصورة؟
حسنا، لا بأس.. تأمل هذه الصورة جيدا، فلن تراها بإذن الله بعد اليوم.
الآن ستشهر سلاحك، وستدخل بكامل عتادك إلى مراكز خفية في اللاوعي، حيث تقبع هذه العادة الخبيثة، دون أن يعلم عقلك الباطن بالأمر لأنه منهمك بمشاهدة فيلمه المفضل.
تخيل الآن أنك (بعقلك الواعي) ستتعرض لإشعاع يقلص حجمك. تذكّر أنك الآن مجرد شبح، وأن هذا ممكن بكل بساطة.
تابع التقلص إلى أبعد الحدود، حتى تصبح بحجم خلية مجهرية، وعندها سندخل معا إلى دماغ ذلك الجسد الممدد أمامك عبر الأنف!
لا تعجب، فكل شيء ممكن الآن.
ادخل إلى تلافيف دماغك بسلام، وتخيل أنك تركب خلية دموية صغيرة وهي تسبح في أعماق دماغك، تأمل هذا المنظر الجميل من حولك.
استمر في الإبحار والتأمل، وستجد من حولك الكثير من الأشياء التي كنت تبحث عنها.
انظر إلى يمينك، إنه مركز الحب، هل تراه جيدا؟ هاهي صورة من تحب معلقة هناك بأبهى الألوان!
حسناً لا تقلق.. فلن أخبر أحداً بذلك، وسيبقى أمرك سراً إن شئت.
انظر جيدا، سترى الكثير من الأشياء الجميلة، إنه عالم مليء بالألوان المبهجة كتلك التي كنا نحلم بها في طفولتنا.
عالم ساحر من الخيال، وشعور مبهج بالسياحة في هذه الجنة الغناء.
خذ من وقتك ما تشاء في الإبحار بين هذه الشلالات المتدفقة والقصور الوارفة، ثم عد إليّ لأني أنتظرك.
الآن.. انظر إلى شمالك، إنه مركز الكراهية، لعله مليء بالأسماء والوجوه! أرجو ألا أكون واحداً منهم.
استمر في الإبحار، وستجد الكثير من الأشياء القبيحة، ذكريات مؤلمة، وشخصيات كريهة، وأشياء أخرى كثيرة.
لعلك ترغب في الخروج من هذا الكهف المظلم؟ حسنا لن أقف في وجهك.
عُد معي الآن إلى عالم الحب، حيث كل ما تشتهيه نفسك، لأني سأكشف لك عن سر لم تلاحظه في المرة الأولى.
هل دخلت الآن إلى ذلك الوسط المبهج؟ وهل استراحت نفسك من جديد؟
حسناً.. انظر جيدا إلى ذلك الصندوق الملون، إنه هناك في وسط هذه الجنة، حيث يقبع على كوم من الذهب المتلألئ، وتظله بعض الأغصان المثقلة بالثمار البلورية، هل رأيته؟
هذا جيد.. اذهب إليه الآن وائتني به. لعلك متشوق لفتحه، أغلب الظن أنه يحتوي على كنز لا يقدر بثمن.
ولكن تمهل قليلا، فما كل ما يلمع ذهبا.
افتحه الآن، وبهدوء.
يا للهول! إنه مليء بالحشرات والديدان المقرفة، وهاهي تخرج منه بالآلاف!
أي رائحة نتنة هذه؟ وأي فأل سيء خرج علينا من هذا الصندوق القذر؟
لعلك تتساءل ما الذي جاء به إلى هنا؟ وكيف يمكن لكل هذه القذارة أن تنحشر في صندوق بارع الجمال وهو يستقر على كوم من الذهب؟
بل كيف أمكن لهذا الصندوق أن يدخل إلى عالم الحب والجمال، وهو يخفي في جوفه كل هذه المفاجآت؟
الآن أقول لك: هل تذكر الحالة التي أنت عليها الآن، حيث يتوضع ذلك الصندوق على قمة ملذاتك؟
لقد ولجتَ إلى أعماق دماغك وجسدك منهمك في مشاهدة التلفاز، وهو يتمتع بنشوة مداعبة رأسه!
هذه اللذة إذن ليست أكثر من نشوة مبطنة، فهي في ظاهرها متعة لا حدود لها، ولكنها تخفي في داخلها ما هو أكثر قبحا وكراهة من أي شيء آخر.
إنها متعة زائفة، فهي تشعرك ببعض اللذة أثناء ممارستها، ولكنك تعلم في الوقت نفسه أنها تحمل في باطنها الكثير من الضرر، ولذا فقد خدعت نفسك عندما غلفت هذا الضرر بمتعة ظاهرية، ثم نقلته من عالم الكراهية والقبح إلى عالم الحب والجمال، وأقنعت نفسك بذلك!
لعله أمر مخجل بالفعل، فكيف غابت عنك هذه الحقيقة طوال تلك المدة: وكيف سمحتَ لكل هذه القذارة بالبقاء في عالم ملذاتك لتركن إليها كلما دعت الحاجة؟
لا أنتظر منك جوابا لأنك لا تعرفه، ولكنك تعرف جيدا بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
تذكر أنك الآن في أقوى حالاتك، وأنك قد تسلحت منذ البداية بأقوى أسلحتك، ودخلت إلى أعماق نفسك وأنت عازم على التغيير.
أنت الآن مفتش صارم، تبحث عن الأخطاء والهفوات لتصلحها، ولا يمكن أن تسمح لخطأ كهذا بالاستمرار.
سوف لن يكلفك التغيير شيئا، فكل ما عليك الآن هو أن تحمل هذا الصندوق القذر وترميه على الجانب الأيسر، في عالم الكراهية والقاذورات.
هل انتهيت الآن؟
هذا رائع..
ستجد يدك وقد سقطت على الفور!
لعل جسدك لم يُعر الأمر الكثير من الاهتمام فعقلك الباطن منهمك في مشاهدة فيلمك المفضل، لذا سيقوم على الفور بإعادة يدك إلى مكانها المعتاد، لتعبث بشعرك من جديد.
ولكن عقلك الباطن نفسه قد تبرمج على العكس، وسيتخذ قراره على الفور، فهذه الحركة باتت منبوذة في أعماق نفسك، وستبتعد يدك مرة أخرى!

انظر إلى نفسك جيداً.. ذلك المسكين المستلقي على أريكته، لقد تملكته الدهشة بالفعل، وسيعيد الكرّة مرة ثالثة، ولكن يدك ستبتعد مرة أخرى مع شعور بالقرف.
انظر إلى ملامح وجهه.. أيها المسكين!
شعور واضح بالقرف والغثيان، وصور متتالية من الديدان وهي تقفز من الصندوق برائحتها المنتنة.
سينفض عن رأسه هذه الصورة البشعة، وسيتعجب من هذا الربط بينها وبين حركة اليد التي كانت للتو من أكثر الأمور إمتاعاً.

حسناً، لقد نجحت التجربة، وأصبح بإمكانك الآن أن تعود إلى عقلك الباطن، فلن يتمرد عليك بعد اليوم.
اخرج الآن من أنفك كما دخلت، وعرّض نفسك للإشعاع مرة أخرى لتجد نفسك تتضخم بالتدريج حتى تعود إلى وضعك الطبيعي.
ادخل الآن إلى جسدك، وسيعود عقلك الواعي إلى جانب الباطن بشكل طبيعي، لتسير أمورك على ما يرام، ولكن بدون تلك العادة السيئة.


الآن افتح عينيك، واخرج من حالة الاسترخاء التي كنت فيها، شغّل تلفازك وابحث عن أحد برامجك المفضلة.
ستجد أن كل شيء قد تغير، وأن وسواسك قد تلاشى بكل بساطة.

نبذة عن الكاتب


اكتب وصف المشرف هنا ..

0 التعليقات:

back to top